الأربعاء، 28 مارس 2018

العلوم الاجتماعية بين الميثودولوجيا والأيديولوجيا

سفيان ميمون

يناقض المنهج العلمي في الأدبيات العلمية الأيديولوجيا ، فالمنهج العلمي وفقا للعلوم الحديثة ، أي العلوم التي ظهرت في العصر الحديث :في مطلعه ( العلوم الطبيعية) وفي آخره ( العلوم الاجتماعية) يعتبر الأساس الذي يقوم عليه أي علم ، و تمثل الأيديولوجيا في هذا السياق وبخاصة في العلوم الاجتماعية اللاعلمي بامتيىاز ، لهذا نجد في حقل العلوم الاجتماعية منذ نشأتها خلال القرن التاسع عشر إلى اليوم سجالا حادا حول علمية العلوم الاجتماعية ، وقياس ذلك باستخدامها لمنهج علمي ، بل واستخدامها لمنهج علمي محدد .لقد استمدت العوم الاجتماعية شرعيتها من القطيعة التي أحدثتها مع الفلسفة وركوبها لمنهج علمي في صورة المنهج التجريبي الذي مثل الأساس لازدهار العلوم الطبيعية وازدهار الصناعة وتطور المدن في أوروبا ، هذا المنهج نفسه يتم استدعاؤه من قبل علماء المجتمع الأوائل ( سان سيمون ، كونت ، سبنسر..) ليكون دعامة وأساسا لنشأة العلوم الاجتماعية ، غير أن هذا المنهج نفسه ينطوي على موقف أيديولوجي متصل باستراتيجية الاتجاه المحافظ وموقفه المتحفظ من فلسفة التنوير.فبالقدر الذي أسس المنهج التجريبي للعلوم الاجتماعية فقد كان من جانب آخر أداة لتكييف الدراسات الاجتماعية وفق الرؤية المحافظة ، كما تمت الدعوىة إلى ماسمي ب" الموضوعية العلمية " كأساس منهجي في ممارسة العلوم الاجتماعية ، غير أن الأساس الذي قامت عليه هذه الموضوعية هو أساس أيديولوجي بامتياز متصل بالموقف من الدين والعقل ، وقد راحت العلمانية تتماهى في كثير من تفاصيلها مع "الموضوعية العلمية" ، بل لقد مثل إبعاد الدين وتحييده الموضوعية ذاتها في كثير من الدراسات الاجتماعية .وبالإضافة إلى قضية الدين فقد تعرضت العلوم الاجتماعية في ممارستها إلى " خيانة عظمى" خاصة من قبل الأنظمة الاستعمارية الحديثة ، فقد تم اسغلال العلوم الاجتماعية ومناهجها من أجل إخضاع الآخرين والسيطرة عليهم ، نتحدث هنا بشكل خاص عن السوسيولوجيا والأنثروبولوجيا الاستعمارية التي عملت على تبرير احتلالها وبسط هيمنتها بدعوى " العقلنة" وتحرير الانسان المستعمر (بفتح الميم) من "الخرافة" إلى الحياة العصرية القائمة على " العلم" ، ويبدو ذلك خاصة في عمليات التزييف التي تعرض لها الواقع الاجتماعي والثقافي باسم العلم ، ومفارقات التعاطي مع الأحداث من قبل علماء المجتمع ، ونذكر هنا على سبيل المثال الكيفية التي تعاطى بها ماركس وصديقه أنجلز مع احتلال الجزائر من قبل الفرنسيين ،فالنظرة العامة لهذين المفكرين الذين كانا بصدد إعداد نظرية عامة حول جدل الطبقات تشير إلى أن وعي الطبقات المقهورة بوضعية القهر إنما هو أول بوادر التحرر وتغيير الوضع القائم ، غير أن نظرتهما للجماعات التي كانت تقاوم الغزو الاستعماري في الجزائر كان مختلفا تماما مع قناعتهما النظرية ، حيث رأى ماركس في استعمار الشمال الإفريقي عملا حضاريا ، كما رحب إنجلز بالغزو الفرنسي للجزائر ورأى فيه وسيلة هامة لتقدم الحضارة.ويمكن الحديث عن حضور الأيديولوجيا في العلوم الاجتماعية من خلال النزعة الشمولية للعلم التي نجدها لدى ممارسي هذه العلوم في الغرب ، هذه النزعة التي تشير إلى أن نظريات العلم ومناهجه التي أنتجت في الغرب يمكن تعميمها على باقي أقطار المعمورة ، فالغرب أصبح "نبيا" مبشرا بالحقيقة العلمية ،هذه الشرعية التي اكتسبها من خلال قوته الحضارية والتقنية ،على الرغم من أن العلوم الاجتماعية كثيرا ما ترتدي ثوب النسبية بما في ذلك ضرورة التحفظ عند اللجوء إلى التعميم ولو كان ذلك متصلا بالظواهر المتشابهة ، يقابل هذا نزعة أخرى نجدها لدى ممارسي العلوم الاجتماعية في البلدان العربية تتصل بمحاولة التعاطي مع المعطيات والوقائع بخلفية نظرية ومنهجية محلية يتم من خلالها استدعاء التراث المعرفي المحلي واستخدامه كخلفية تفسيرية ، يتجسد ذلك خاصة في استدعاء التراث العربي والإسلامي لدى البعض لغرض " تبيئة" تفسير الظواهر والأحداث ، أي أن هذه الأحداث والظواهر هي بنت بيئتها وعليه كان الواجب هو تفسيرها وفق نظريات ومناهج ولدت من رحم هذا السياق الذي أنتجها ،هذا الاختلاف ، بل الصراع في منطلقات التفسير يعبر عن صراع إيديولوجي بين نزعة الغرب للتسلط وبين ونزعة المقاومة التي يبديها ممارسو هذه العلوم في الشرق وبكيفية تصبح المعرفة والعلم خلالها واسطة أساسية في هذا الصراع ،مع أن هذا الصراع لا يتوقف عند هذين الحدين ( الشرق والغرب) ، بل إن الشرق نفسه يمكن أن ينشطر إلى شقين شق مقاوم لهذه " النزعة المتسلطة " وشق ثان مندمج ومتماه مع هذا الغرب في تصوره " الشمولي" و " المركزي" ، أي نظرته لمركزية المعرفة والعلم من حيث مصدرهما، وهنا يدخل الشرق في مواجهة ذاته ويتزحزح الصراع إلى دائرة الهوية .





الجزائر وأنثروبولوجيا الاستعمار


سفيان ميمون

لقد تزامنت نشأة الأنثروبولوجيا كعلم خلال القرن التاسع عشر مع موجة الاستعمار الغربي للبلاد الأخرى ، فقد جعل هذا التزامن من الأنثروبولوجيا حليفا حقيقيا للاستعمار الذي كان يبحث عن أراضي جديدة وثروات إضافية لتلبية الحاجات الصناعية في أوروبا ، فقد كان الاعتماد على تقنيات ووسائل الأنثروبولوجيا باديا لدى الإدارة الاستعمارية من خلال الاعتماد على وصف تركيبة الشعوب المستعمرة ونظمها الاجتماعية وثقافاتها ... ، كما كانت هذه العمليات تتم من قبل ضباط الجيوش الاستعمارية الذين كانوا في الواجهة ، مما مكنهم من إعداد التقارير حول الخصائص التي تميز الشعوب وحول طبيعة البيئات التي تسكنها ، وكل هذا من أجل التمهيد الثقافي والفكري للغزو العسكري أو للمحافظة على بقاء واستمرار النظام الاستعماري .لقد خضع المجتمع الجزائري خلال الفترة الاستعمارية إلى الوصف والدراسة وكانت طبيعة الجزائري وسلوكه ولغته ودينه وطريقة عيشه وتركيبته العرقية ووضعية المرأة...محلا للوصف والتنظير ، وقد ارتبطت عمليات الوصف والتنظير هذه بالمصلحة الاستعمارية أكثر من ارتباطها بالموضوعية التي يتطلبها العلم ، ذلك أن الاستعمار الفرنسي لم يكن ينوي اكتشاف خصائص الجزائري لذاتها ولكن من أجل السيطرة وبسط الهيمنة وإدامة بقاء النظام الاستعماري .وفي خضم عمليات الوصف تم رمي المجتمع والفرد الجزائري بالتوحش ،وأن الجزائري من جنس همجي وهو يتميز بالبدائية مما يقتضي تطويره عن طريق تلقينه ثقافة المستعمر ، وهذا ما دعا إلى الرجوع إلى الدين وتقديمه كعامل أساسي في تخلف المجتمع ، بالإضافة إلى الجمعيات الأهلية والدينية التي عمل الاستعمار على فهم دورها في تنظيم شؤون المجتمع ثم تحويل هذا الدور إلى خدمة مصالحه الاستعمارية ، كما تم التركيز أيضا على المرأة كدعامة أساسية في المجتمع الجزائري ووصف حالها واعتبارها في مكانة أقل من الرجل ، ورميها بأحكام مليئة بالسخرية ، لقد شكلت ذهنية الجزائري حسب كثير من الباحثين الفرنسيين عائقا أمام تدجينه وحمله على الانصياع ، لذلك تم الاتجاه إلى محاولة إزالة توحش هذا الجزائري عن طريق التعليم وفق النموذج الفرنسي.بناء على هذا تم تقسيم المجتمع الجزائري إلى ثنائيات من أجل التفريق وتأليب بعضها على البعض الآخر كثنائية عرب- بربر مثلا، وقد كانت ثنائية عرب –بربر الوتر الأساسي الذي استخدمه منظرو الاستعمار من خلال خلق ماسمي ب "الأسطورة القبائلية " التي تعتبر حسب "فيليب لوكا " و" جون كلود فاتان " في كتابهما – جزائر الأنثروبولوجيين- " ابتداعا غير عقلاني قائمة على استدلالات علماء مزيفين وهادفة إلى احتواء سياسي واقتصادي "، فمن خلال التنظير لأصل البربر واختلافه عن أصل العرب والتركيز على الاختلافات في الطباع والملامح الجسمية حاول منظرو الاستعمار في البداية الاستعانة بالقبائل من خلال تمجيد هذا العرق ، لكن الصورة تغيرت باستقرار المعمرين على الأرض الجزائرية حيث لم تعد ثمة مصلحة في هذا القبائلي ، وبالتالي تم الاتجاه إلى تأليب القبائل ضد العرب بغرض التفرقة والحفاظ بالتالي على مصالح المعمرين والنظام الاستعماري ، ومن المقولات التي حاول منظروا الأنثروبولوجيا الاستعمارية فرضها مثلما يرى لوكا وفاتان أن: " القبائلي يكره العربي والعربي يكره القبائلي ، فهذا المقت المتأجج لا يمكن تفسيره إلا بشعور تقليدي توارثته الأجيال ، كره بين عرق الغزاة ( أي العرب ) والعرق المقهور ( أي القبائل ) " ، ويذكر المختصون في هذا الشأن أن الممارسة الأنثروبولوجية في الجزائر تدرجت خلال المرحلة الاستعمارية من مرحلة الحملات االعسكرية الرامية إلى محاولة اكتشاف مناطق البلاد والإلمام بطبيعة السكان وخصائصهم ، إلى مرحلة فهم تركيبة المجتمع ومؤسساته الدينية والتعليمية ، وهنا يمكن الحديث عن نمط التعليم والجمعيات الدينية الفاعلة في المجتمع ، وأخيرا مرحلة الاعتماد على الأنثروبولوجيين المتخصصين والأكاديميين ويمكن أن نذكر هنا: جيرمين تيليون، و جاك بيرك ، و بيير بورديو ...الخ.و قد تشكلت في خضم المرحلة الاستعمارية ذاتها اتجاهات مؤسسة لأنثروبولوجيا مخالفة للأنثروبولوجيا الاستعمارية ، كما كان الحال في الجزائر مع فرانز فانون الذي دعا إلى التركيز على الثقافة الوطنية التي تعرضت للاحتقار من قبل كثير من الأنثروبولوجيين الفرنسيين وضرورة إقرانها بالكفاح المسلح ، فالثقافة الوطنية هي التي تغدي الكفاح الذي يزيل الاستعمار ، كما أن الكفاح من شأنه خلق وتدعيم الثقافة الوطنية الجزائرية حسبه ، وهي الحالة ذاتها التي ميزت بلدان العالم الثالث بشكل عام خاصة بعد مرحلة الاستعمار حيث أصبح التركيز باديا في الممارسة الأنثروبولوجية على مسالة الثقافة في ارتباطها بحركات التحرر والاستقلال ،أي إعادة الاعتبار للثقافات الوطنية وعناصرها ، إضافة إلى الاهتمام بالقضايا العامة للإنسان المعاصر وقضايا التنمية وغيرها، مما يحيل إلى ضرورة فصل الأنثروبولوجيا عن الصفة الاستعمارية التي التصقت بها منذ نشأتها ، كما كانت هناك اتجاهات لممارسة أنثروبولوجيا محلية ،أي تولي مهمة البحث في هذه المجتمعات أنثروبولوجيين محليين ينتمون إلى بلدانهم الأصلية ، في مقابل حضور أنثروبولوجيين غربيين إلى هذه البلدان في السابق ، وهو ما طرح إشكالات في هذا المجال تتعلق بإمكانية قدرة الباحث المحلي على التخلي عن الأحكام المسبقة نتيجة اتصاله العضوي بهذا المجتمع ، في مقابل اللا موضوعية التي طالما ميزت الباحثين الغربيين ،على الرغم من أن المقارنة بين الحالتين غير جائزة تماما بالنظر إلى الهدف من الممارسة الأنثروبولوجية لدى الباحثين الذين ينتمون للنظام الاستعماري ،والذين عملوا على تقديم نتائج أبحاثهم لهذا النظام الرامي إلى الهيمنة والسيطرة ،في مقابل نزعة التحرر التي تعتري الباحثين المحليين وإحساسهم المتزايد بضرورة التخلص من رواسب الاستعمار باستدعاء الآليات والوسائل المختلفة للتنمية .

أهمية العلوم الاجتماعية في التنمية – علم الإنسان نموذجا –


سفيان ميمون


إذا كان دور العلوم الطبيعية محسوما في مساهمتها بشكل مباشر في تنمية المجتمع اقتصاديا واجتماعيا فإن للعلوم الاجتماعية دورها الواضح والخطير أيضا في هذا الشأن ، فإليها يوكل الأمر في تفسير وفهم الواقع الاجتماعي والسياسي والأخلاقي ...، كما أنها تساهم في تحديد الجوانب الطبيعية والصناعية أيضا ، فلا يمكن فهم مجال الصناعة مثلا بالاعتماد على الجانب التقني وحده والذي تمثله العلوم الطبيعية ، بل لا بد من الرجوع أيضا  مختلف التفسيرات الأخلاقية والقيمية والتي تنتجها العلوم الاجتماعية ليكتمل فهم الواقع الصناعي .
من هذا يبدو واضحا أن العلوم الاجتماعية تقف جنبا إلى جنب مع العلوم الطبيعية  في فهم الواقع وتفسيره وتقديم الحلول لمختلف المشاكل التي تواجه الانسان ، لكن العلوم الاجتماعية واجهت منذ نشأتها مشكلة أخرى تتصل بعلاقتها مع العلوم الطبيعية ومناهجها ، فالعلوم الاجتماعية اتخذت موقفين مختلفين في هذا الشأن ، أما الموقف الأول فهو موقف ينزع نحو الطبيعة أي يؤسس تفسيراته على الموضوع بعيدا عن الذات ،أي إبعاد الجوانب الذاتية في الفهم ، فكل معرفة إنما تقوم على السبب الذي يوصل إلى حقيقة الظاهرة وهو منهج اساسي في العلوم الطبيعية ، وقد كان ستوارت مل وأوغست كونت من رواد هذا الاتجاه حيث كان سعيهما واضحا لبناء فزياء اجتماعية ، أي لبناء علم اجتماعي لا يختلف في بنائه ومنهجه عن العلم الطبيعي ،وأما الموقف الثاني فقد جاء لإثبات الجانب الانساني الذي ألغاه اصحاب الموقف الأول الذين نزعوا أكثر نحو الطبيعة وأهملوا الإنسان ، فالإنسان لدى أصحاب هذا الموقف عامل أساسي في فهم واقع الإنسان نفسه ، فالخبرات الانسانية والتوقعات والميول وغيرها عوامل أساسية في الفهم ، يقول" ديلتي" في هذا الصدد :" إنه لمن الضروري بمكان تأسيس هذه العلوم على نظرية معرفية وإكساب استقلالية وظيفتها مشروعية وقوة ، بالإضافة إلى التخلي نهائيا عن إخضاعها من حيث مبادؤها ومناهجها لمبادئ العلوم الطبيعية ومناهجها " .
وتشكل العلوم الاجتماعية مجتمعة إطارا عاما تتعدد جوانبه ،فإلى جانب علم الاجتماع وعلم الاقتصاد وعلم السياسة كعلوم اجتماعية صرفة ، نجد علم الانسان ( الأنثروبولوجيا ) يجمع بين الرؤية الاجتماعية والرؤية الطبيعية ،فعلم الانسان هو ذلك العلم الذي يصف ويقارن ويحلل الخصائص والصفات الطبيعية البيولوجية والثقافية الاجتماعية ، وإذا ركزنا على علم الانسان في جانبه الاجتماعي الثقافي فإننا نجد أن لهذا العلم فوائد جمة في الإحاطة بالواقع الاجتماعي والثقافي للإنسان بغرض توظيف ما تسفر عنه الدراسات في هذا الجانب العلمي لفائدة الانسان نفسه ، ومثال هذا استحداث فرع " الأنثروبولوجيا التطبيقية " التي تبحث في كيفية توظيف ما توصلت إليه الأنثروبولوجيا في الحياة الاجتماعية .
لقد نشأت الأنثروبولوجيا في خضم التغيرات الاجتماعية والاقتصادية التي حصلت في أوروبا أواسط القرن التاسع عشر ، ولئن كان علم الاجتماع قد وجه لفهم هذه التغيرات وحل المشكلات الناتجة عنها فإن الأنثروبولوجيا وجهت لفهم مجتمعات أخرى خارج أوروبا بغية فهمها وتقديم معلومات عنها ، لذلك نشأت الأنثروبولوجيا وترعرعت في سياق النزعة الاستعمارية الغربية للسيطرة على المجتمعات الواقعة وراء البحر.
إن استخدام علم الانسان في إنتاج نظريات حول العرق والثقافة لتبرير الوجود الاستعماري يجعل الاعتقاد يترسخ أكثر بالطابع الاستعماري للأنثروبولوجيا ، لذلك فإن هذا العلم قد انتهى مفعوله بانتهاء فترة الاستعمار لان الهدف الذي أنشئ من أجله هذا العلم قد زال ، لكن الواقع يبين أن علم الانسان كعلم اجتماعي مازال دوره قائما الى الآن خاصة وأنه يرتبط بجملة من الموضوعات الثقافية والاجتماعية التي تفرض نفسها بقوة اليوم على غرار " الثقافة "،" النظم الاجتماعية "، "الهوية الثقافية " ،"الاندماج الاجتماعي والثقافي " ،"العولمة الثقافية " ، " دور الأسرة "  .....،وهي موضوعات شائكة تتطلب الفهم ، كما أننا بحاجة اليوم أكثر من أي وقت مضى إلى الاعتماد على أنثروبولوجيا موسعة تشمل جميع المجالات من خلال إعادة  الاعتبار لمختلف الابعاد الاجتماعية والثقافية في مختلف مؤسساتنا ، فتسيير هذه المؤسسات لا بد أن يرتكز إضافة إلى الجوانب التقنية على الجوانب الروحية والأخلاقية لأن تسيير أي مؤسسة هو قبل كل شيء تسيير للمورد البشري الذي يشكلها .