الخميس، 4 يونيو 2015

تهافت " العلمانيين"

سفيان ميمون

  "العلمانيون " عندنا يشنون حملة شعواء على حملة " كن رجلا ولا تترك بناتك تخرجن بلباس فاضح " ردا على حملة السيقان العارية التي حاولت الانتصار لطالبة منعت  من اجتياز امتحان شهادة الكفاءة المهنية في المحاماة بسبب قصر لباسها ....، "العلمانيون " يحاولون تصوير الأمر بأنه نجاح للمجتمع الشرقي المحافظ في تكريس الذهنية المشرقية التي تلحق المرأة بالرجل وتخضعها له في كل شيء ....كما يعتبرونه فشلا للأفكار " التنويرية " التي يناضل من أجلها الكثير من المفكرين " التنويريين " الذين فكوا قيود المقدس ....هذا الذي مازال يمارس سلطته في كل حين ولحظة ....فعندما ترفع شعار "كن رجلا " نساء وتناضلن بقوة وشراسة فإن هذا دليل قاطع على نجاح " البنية الثقافية التقليدية " في بسط سلطتها ونفوذها ......وهو في الوقت نفسه دليل على فشل "عملية التنوير "؟؟.
إن ادعا ء وصاية الذهنية المشرقية على النساء تقابله وصاية أخرى غير معلنة على النساء من قبل هؤلاء" التنويريين "...إنها ضربة قاضية لحوالي قرن من النضال ...من أجل اطراح الحجاب ، والظفر بحريات جمة في مجال السفر والعبث...الخ ، لينم قاسم أمين قرير العين ولتنم هدى الشعراوي أيضا ...ولترفع نوال السعداوي يديها إلى السماء .......
لا أدعي البتة مساندة اضطهاد  النساء أبدا ولا الحجر على حقوقهن ....نعم هناك عنف ممارس ضدها ..هناك اضطهاد ناتج عن أنماط ثقافية تشكلت خلال سيرورات اجتماعية معينة ..لكن هذا لا يدفع إلى استغلال الأمر من أجل تمرير أفكار وقيم ليس لنا ...نناضل من أجل ترسيخها بدافع تنوير المجتمع ....يريدون عصر تنوير عربي بعد عصر التنوير الأوروبي الذي مرت عليه حواي ثلاثة قرون ..تماما مثلما أعلنو عن عصر النهضة العربية مطلع القرن العشرين بعد مرور أكثر من أربعة قرون من النهضة الأوروبية ....إنه تقليد أعمى .....
هذا التقليد الذي أعلن عنه علي حرب وهو من أشد هؤلاء " التنويريين " في كتابه " أوهام النخبة " حيث المثقف في المجتمعات العربية لا يخرج عن دائرة التقليد سواء قلد الشرق برجوعه إلى سلف الأمة أم قلد الغرب في الأفكار والمبادئ التي جاء بها عصر التنوير الأوروبي .
أعتقد أن هذا الصراع هو حلقة جديدة من حلقات تنويم الجماهير من خلا ل إنتاج فعل وإنتاج رد فعل مقابل له لإلهاء هذه الجماهير عن الفساد الذي يستفحل يوما بعد يوم ، ومحاولة التخفيف من الانتقادات والانفجارات الاجتماعية المحتملة نتيجة استفحال هذا الفساد ، فحيثما تكون " خالتي حدة " لا بد أن يكون هناك " عمي عمار " للتراشق وتبادل الفعل ورد الفعل مع استقطاب الموالين لهذا وذاك ...وبذلك يتحول الاهتمام الرئيسي للجماهير من هذا إلى ذاك ....دليل هذا أن " هذا " و "ذاك " في كثير من الأحداث ينتميان إلى قلعة واحدة لكن الإعلام يصورهما خصمين عنيدين .
إذا كفانا تلاعبا بالمشاعر ...كفانا تطاولا ...بذهنية " تنويرية " لا نؤمن بها في أعماقنا ، فالمرأة "المتحررة "في ماهو معلن من خطابات هذه الفئة تتحول إلى امرأة "عاهرة " عندما يلتفون حول فنجان قهوة داخل مقهى .......

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق