الجمعة، 4 مايو 2012

طلبة السنة الأولى علوم اجتماعية -  مقياس الأنثروبولوجيا - جامعة تيارت
السلام علييكم / هذه بعض الدروس التي لم يتيسر لنا كتابة تلخيصات لها خلال حصص مقياس الأنثروبولوجيا حاولت نقلها عبر المدونة الالكترونية . أما الدروس الي كتبت تلخيصات لها فلم أقم بنقلها نظرا لضيق الوقت ، آمل أن يتيسر لي ذلك .
ملاحظة : تم جمع المعلومات والأفكار الواردة في الدروس من مراجع مختلفة .
تحيات أستاذ المقياس وتمنياته بالتوفيق .
                                         سفيان ميمون

أقسام الأنثروبولوجيا
وقد قسمت الأنثروبولوجيا إلى الأقسام التالية :
1/ الأنثروبولوجيا الفيزيقية (الطبيعية ) : وهي أقدم فروع الأنثروبولوجيا وقد ظهرت مع نهاية القرن 18 م وبداية القرن 19م تحت تأثير النظرية الداروينية ( نظرية التطور ) وتهتم بالجانب الفيزيقي للإنسان من حيث سماته الجسمية كشكل الجمجمة وارتفاع القامة ولون البشرة ....كما تهتم بنشأة الإنسان وتطوره منذ القديم .
2/ الأنثروبولوجيا الثقافية : وتهتم بالجانب الثقافي للإنسان فتدرس حياة الناس وعاداتهم وتقاليدهم ، كماتهتم بمراحل التطور الثقافي والحضاري للمجتمعات الإنسانية فهي بهذا تعنى بدراسة ثقافة الأسلاف ( القدامى ) من خلال الكشف عن البقايا المادية لمجتمعات وحضارات منقرضة وذلك بالإستعانة بعلم الآثار كما تعنى أيضا بدراسة  ثقافة المجتمعات التي تتسم بالبساطة وكذا ثقافة الجماعات المحلية في المجتمعات المعاصرة ومختلف التباينات العرقية والثقافية وقضايا الإندماج والهوية ........
3/ الأنثروبولوجيا الاجتماعية :وتركز على الجانب الاجتماعي أي أنها تهتم بدراسة الأنماط المختلفة للسلوك الاجتماعي الذي يتخد شكل نظم وأنساق إجتماعية كنظام العائلة والقرابة ونظام التربية والنظام السياسي ...، وكذلك الاهتمام بالعلاقات القائمة بين هذه النظم ومختلف التأثيرات التي تحدث بينها ، أي أن الأنثروبولوجيا الاجتماعية تهتم بدراسة البناء الاجتماعي ككل بمختلف مكوناته مع الأخذ في عين الإعتبار أن هذا البناء الذي يتم الإنطلاق منه خلال الدراسة يضم مختلف الأشكال والتعبيرات الثقافية لذلك كان هناك تداخل كبير بين الأنثروبولوجيا الاجتماعية والثقافية ، ويتم التفريق بينهما في نقطة الإنطلاق فالأنثروبولوجيا الاجتماعية تنطلق من الكل ( البناء الاجتماعي ) بينما تنطلق الأنثروبولوجيا الثقافية من العناصر البسيطة للثقافة ( عادات ، قيم ، لغة ،...) وصولا إلى فهم البناء الكلي للمجتمع .
4/ الأنثروبولوجيا التطبيقية :وقد استخدم هذا المصطلح في نهاية العشرينات وبداية الثلاثينات من القرن العشرين ليعكس اهتمام علماء الأنثروبولوجيا بتقديم نتائج أبحاثهم وتوجيهها لخدمة مجتمعات بعينها بغرض التنمية الاجتماعية وبناء قرارات حكومية سليمة ، فنتائج الأنثروبولوجيا يمكن الإستفادة منها في مجالات اجتماعية مختلفة كعمليات التخطيط الاجتماعي والتربوي على سبيل المثال .
أقسام الأنثروبولوجيا

علاقة الأنثروبولوجيا بالعلوم الأخرى  

هناك علاقة وطيدة بين علم الإنسان وباقي العلوم الاجتماعية الأخرى سواء التي تنتمي إلى العلوم الإنسانية والاجتماعية أو الطبيعية  ، ومن أجل بيان هذه العلاقة نحاول إيراد بعض الأمثلة على ذلك .
1-   علاقة الأنثروبولوجيا بالبيولوجيا ( علم الأحياء) .
هناك تداخل كبير بين الأنثروبولوجيا والبيولوجيا ، ويرجع هذا التداخل خصوصا إلى اعتماد الأنثروبولوجيا حين نشأتها أساسا على نظرية التطور البيولوجي والإنطلاق  في وصف المجتمع والثقافة من نظرة تطورية مستمدة من نظرة البيولوجيا إلى نشأة وتطور الإنسان ككائن عضوي ، من أجل هذا وصفت الأنثروبولوجيا الفيزيقية ب " البيولوجيا الإنسانية " ، كما أن السلوك الثقافي يمكن رده إلى أسس بيولوجية معينة فيتم فهم هذا السلوك في خضم هذه الأسس ، إضافة إلى التشابه بين الأنثروبولوجيا والبيولوجيا في موضوع الدراسة ، فإذا كان الموضوع الأساسي في البيولوجيا هو التنوع الجيني والإختلاف البيولوجي فإن موضوع الأنثروبولوجيا يرتكز على دراسة وفهم التنوع والإختلاف الإجتماعي والثقافي ، كما يمكن أن يلتقيا في موضوع السلالة والعرق والخصائص الإنسانية .
2-   علاقة الأنثروبولوجيا بالجيولوجيا والجغرافيا .
فالجيولوجيا ( علم طبقات الأرض ) تزود الأنثروبولوجي بعمر البقايا العظمية لإنسان ماقبل التاريخ وبذلك يتسنى للأنثروبولوجي استخدامها في تحديد عمر الحضارات والظروف التي عاش فيها إنسان تلك الحضارات بناء على معطيات الجيولوجيا وعلم الأثار ، كما يستفيد الأنثروبولوجي من الدراسات الجغرافية التي توفر له معلومات عن مختلف جوانب الطبيعة والتضاريس والظروف المناخية المختلفة التي يمكن أن تكون أصلا لتفسير سلوكات الإنسان وتفسير الإختلافات التي تميز جماعة بشرية عن أخرى ، فهناك من يرى بأن الطقس الحار يؤدي إلى الخمول والكسل وعلى العكس منى ذلك يؤدي الطقس البارد إلى النشاط والحيوية .
3-   علاقة الأنثروبولوجيا بالتاريخ .
هناك تداخل كبير بين الأنثروبولوجيا والتاريخ ومنشأ ذلك اهتمام الأنثروبولوجيين بوصف الأحداث والعوامل التاريخية التي تؤدي إلى تكوين ونشأة الظواهر الحضارية وذلك باستخدام مناهج البحوث التاريخية ، وفي خضم هذه العلاقة يرى "ميتلند " أنه يجب على الأنثروبولوجيا أن تختار بين أن تكون تاريخا أو أن لا تصبح شيئا على الإطلاق ، ورغم بروز بعض الإختلافات بين العلمين أبرزها اهتمام المؤرخين بالأحداث التي تقع في الماضي وتتابع هذه الأحداث أقل مما يعنون باكتشاف الأنماط العامة لهذه الاحداث والتتابعات واستنباط القواعد والقوانين التي تميزها كما يفعل الأنثروبولوجيون ، إلا أن التداخل واضح في كثير من النقاط منها : أن الأنثروبولوجي ورغم اهتمامه بالحاضر في دراساته إلا أن تفسير هذا الحاضر لا يتوفر له دون الرجوع إلى العلاقات والتغيرات التاريخية التي صنعت هذا الحاضر ، كما أن التغيرات الاجتماعية التي يهتم بها الأنثروبولوجي هي في الوقت نفسه مراحل تاريخية ، وبهذا المعنى لا يمكن فصل الأنثروبولوجيا عن التاريخ فكلاهما يهتم بتوضيح وإبراز السلوكات والدوافع الإنسانية في مراحل معينة .
4-   علاقة الأنثروبولوجيا بالفلسفة .
إذا كانت الفلسفة كما يرى أرسطو هي " علم المبادئ والأسباب  الأولى غايتها البحث عن الحقيقة برمتها وبأكثر أساليب الفكر نظاما وتماسكا " فإنها بهذا تشترك مع الأنثروبولوجيا في عملية البحث عن الحقيقة وإن كانت وسيلة الوصول إلى الحقيقة في الفلسفة تختلف عنها في الأنثروبولوجيا ذلك أن البحث الأنثروبولوجي يرمي إلى الوصول إلى حقائق ميدانية من خلال معايشة مجتمعات الدراسة أو الإعتماد على معلومات توفرها مصادر أخرى عكس الفلسفة التي تعتمد على العقل ، كما أن نظرة الإنسان إلى الكون والحياة والموت وتأملاته المختلفة في مختلف الأزمنة والأمكنة هو أحد الموضوعات الهامة للأنثروبولوجيا التي ترمي إلى الكشف عن مختلف أنماط التفكير والسلوك لدى الجماعات البشرية عبر الزمان والمكان .
5-   علاقة الأنثروبولوجيا بعلم الإجتماع .
إذا كان علم الإجتماع هو العلم الذي يدرس الظواهر الإجتماعية ويتناول علاقات الأفراد وعمليات التفاعل فيما بينهم فإنه يشترك مع الأنثروبولوجيا في دراسة الإنسان وسلوكه ، كما يشترك معها في دراسة العلاقات الإجتماعية ومختلف النظم التي تشكل البناء الإجتماعي ، لذلك اتجه رادكليف براون إلى حد اعتبار الأنثروبولوجيا الإجتماعية فرعا من فروع علم الإجتماع واعتبارها بمثابة علم الإجتماع المقارن .
إن تركيز علم الإجتماع ينصب على ظواهر ومشكلات اجتماعية محددة كمشكلات الأسرة والطلاق والجريمة والبطالة ....بينما تدرس الأنثروبولوجيا المجتمع ككل فتتناول مختلف جوانب الحياة الإجتماعية بنظرة شاملة في إطار العلاقات المختلفة بين جميع جوانب هذه الحياة فتدرس العادات والتقاليد والسلوكات ومختلف النظم كنظام العائلة والقرابة والنظام الديني والسياسي .....وهناك فرق جوهري أيضا حيث يتم التركيز في الأنثروبولوجيا على المجتمعات التي تسمى بدائية أي بسيطة نسبيا بينما يركز علم الإجتماع على المجتمعات الإنسانية الكبيرة المعقدة ، وربما كان الإتجاه لدراسة هذه المجتمعات هو الذي أحال علم الإجتماع على التركيزعلى ظواهر محددة وربما كان إتجاه الإنثروبولوجيا أيضا إلى دراسة المجتمعات البسيطة هو الذي أحالها على الدراسة الشاملة للجماعات والمجتمعات الإنسانية ، إلا أن التطور في كلا العلمين أحدث تداخلا واضحا بينهما فقد اتجه الأنثروبولوجيون إلى الإهتمام بمشكلات المجتمعات الصناعية والمعقدة من خلال بعض القضايا الأنثروبولوجية كقضايا الهجرة والإندماج والصراع العرقي والهوية والتنمية الاجتماعية ....، كما اتجه علماء الاجتماع إلى الإهتمام بالجماعات البسيطة والصغيرة الحجم ضمن علم اجتماع القرية وعلم الإجتماع الريفي مثلا.......
وقد أدى الاهتمام التقليدي للأنثروبولوجيا ( دراسة المجتمعات البسيطة دراسة شاملة ) إلى الإعتماد على المنهج الكيفي من خلال ملاحظة وفهم جوهر الحياة الاجتماعية لدى الشعوب المدروسة ، في مقابل استخدام علماء الاجتماع للإحصاء ( المنهج الكمي) في الظواهر الاجتماعية ، لكن تقدم الدراسات الأنثروبولوجية جعلها تعتمد بدورها على الأساليب الإحصائية التي يستخدمها علم الاجتماع .
6-   علاقة الأنثروبولوجيا بعلم النفس .
يهتم علم النفس بدراسة الإنسان الفرد من جوانب شخصيته المختلفة بغية الوصول إلى حقائق تتصل بالظواهر النفسية ، بينما تركز الأنثروبولوجيا على الإنسان كعضو في جماعة ، ورغم هذا فإن الموضوعات التي يتناولها كلا العلمين متداخلة ، فالإنسان لا يستطيع أن يعيش إلا وسط جماعة يتفاعل مع أعضائها ، يتعاون معهم ويتضامن ، ويمارس السيطرة كرئيس أو يخضع كمرؤوس ، وكل هذه القضايا ( التعاون والتكافل والقيادة والمشاركة ...) إنما هي عناصرأساسية للأنثروبولوجي الذي يريد فهم مجتمع ما ، وإذا كان علم النفس يهتم بالخصائص الجسمية للإنسان وعوامل البيئة وعلاقتها بالسلوك فإن من مهام الأنثروبولوجي تحديد وتصنيف الخصائص الجسمية العامة وتفسير سلوك الجماعة في ضوء خصائص جسمية وبيئية معينة .
ومن المسلم به اليوم أن لعلم النفس دورا هاما في فهم سلوك الناس الإجتماعي وهو ما يتفق مع اهتمام الأنثروبولوجيا الإجتماعية حيث تركز على تفكير الناس وقيمهم وعقائدهم ورموزهم ، فلكي يفهم الأنثروبولوجي السلوك الجماعي لجماعة ما لابد من الرجوع للتركيبة العقلية لديهم وهوما يقتضي الإلمام بمبادئ علم النفس .
ويبدو الإتصال بين الأنثروبولوجيا وعلم النفس بشكل واضح في علا قة الثقافة كموضوع أساسي للأنثروبولوجيا بالشخصية كموضوع أساسي لعلم النفس ، ففهم الشخصية الإنسانية لا يتم إلا في سياق الثقافة المجتمعية ، كما أن فهم ثقافة المجتمع ترد إلى شخصية الأفراد الذين ينتجونها وعلى رأسهم شخصية الزعماء والقواد الذين يصنعون الإتجاهات العامة في المجتمع .
ولا تتوقف علا قة الأنثروبولوجيا بهذه العلوم وإنما تتصل بعلوم أخرى كثيرة كعلم السياسة والتربية والأخلاق كما تتصل بالآداب والفنون وبكثير من العلوم الطبيعية ....إلخ .   

الموضوعات الأساسية في الأنثروبولوجيا :
       اتضح من الدروس السابقة أن الموضوع الأساسي للأنثروبولوجيا بشكل عام هو الإنسان بكل نواحيه ، فجسم الإنسان في ذاته ونشأته وتطوره هو موضوع الأنثروبولويا الفيزيقية بينما علاقات الإنسان وسلوكه ومختلف التفاعلات التي تنتج عن اتصاله بالآخرين هي موضوع الأنثروبولوجيا الاجتماعية والثقافية ، وكما اتضح لنا من قبل فإن الأنثروبولوجيين الأوائل عمدوا إلى دراسة المجتمعات البدائية البسيطة في تركيبتها وثقافتها فكان المجتمع البسيط والذي وصف بالبدائي هو الموضوع الأساسي الذي وجهت إليه أنظار الأنثروبولوجين قبل أن يتجهوا لدراسة المجتمعات صغيرة الحجم وإن كانت زمانا ومكانا ضمن المجتمعات المعاصرة ، وفي هذا الصدد نذكر أن رادكليف براون مثلا حدد مجال دراسة الأنثروبولوجيا في مقال له عن المنهج عام 1923 بالمجتمعات البدائية لكنه عاد سنة 1944 ليجعل من جميع أنماط المجتمع الإنساني مجالا للدراسة في الأنثروبولوجيا الاجتماعية ، وهو نفس الموقف الذي أبداه إيفانز بريتشارد الذي رأى بأن الأنثروبولوجيا هي " فرع من الدراسات الاجتماعية يتخد من المجتمعات الانسانية جميعا ( بأنماطها المختلفة ) موضوعا له ، وإن كان يركز على دراسة النمط التقليدي منها " .
والواضح أن الموضوع الأساسي للأنثروبولوجيا الاجتماعية والثقافية بشكل خاص يتراوح بين الاتجاه لدراسة البناء الاجتماعي ومختلف النظم والأنساق الاجتماعية التي تكونه ووظيفة هذه النظم ، إضافة إلى دراسة الثقافة بمكوناتها المختلفة ، وفيما يلي نحاول أن نورد بعض هذه الموضوعات :
1/ الثقافة : وهي من الموضوعات الأساسية في الأنثروبولوجيا باعتبار هدف هذه الأخيرة التي ترمي إلى فهم ثقافة الشعوب ومختلف التمايزات الموجودة بينها .
أ/ مفهوم الثقافة : الثقافة من وجهة النظر الأنثروبولوجية كما ترى الدكتورة سامية حسن الساعاتي هي " مجمل التراث الإنساني أو هي أسلوب حياة المجتمع "  وقد عرفت الثقافة وفق طريقة التحليل فهناك تعريفات وصفية ، وتاريخية وسيكولوجية ...الخ ، ولعل أشهر تعريف أجمع المهتمون بالثقافة على شموليته هو تعريف إدوارد تايلور في كتابه " الثقافة البدائية" عام 1871 " الثقافة هي ذلك الكل المعقد الذي يشمل المعلومات والمعتقدات والفن والأخلاق والعرف والتقاليد والعادات وجميع القدرات الأخرى التي يستطيع الإنسان أن يكتسبها بوصفه عضوا في مجتمع " .
ب/ عناصر الثقافة ومكوناتها : تقسم الثقافة عادة بحسب العناصر المكونة لها إلى ثقافة مادية وثقافة لا مادية (روحية معنوية ) فتشمل عناصر الثقافة اللامادية الفنون والأفكار والمعتقدات والعادات كما تشمل عناصر الثقافة المادية الآلات والمعدات والوسائل ...وهذا التقسيم هو الذي يفصل بين لفظي ثقافة وحضارة لدى البعض ( المدرسة الألمانية ) إذ تتصل الثقافة بالجانب الروحي بينما تتصل الحضارة بالجانب المادي عكس المدرسة الفرنسية التي  مزجت بين اللفظتين حين ظهورهما ، إذ تشيران  ( ثقافة وحضارة ) إلى الجانبين معا .
ويلجأ الأنثروبولوجيون وعلماء الإجتماع إلى تحليل الثقافة بحسب ما يشكلها من عناصر حيث : - السمة أو العنصر الثقافي هي أصغر وحدة في الثقافة  ليس ثمة ماهو أصغر منها( مثلا : قوس – فكرة .....)
- النموذج ( المركب الثقافي ) مجموعة من العناصر والسمات الثقافية المترابطة فيما بينها (مثلا : قوس + سهم + حقيبة ..)
- النظام وهو عدد من النماذج والمركبات الثقافية المترابطة فيما بينها ( مثلا : مركب ركوب الخيل + مركب مكان الصيد = نظام الصيد )
وترتبط النظم بعضها ببعض من خلال الأنساق الثقافية حيث يتشكل كل نسق من مجموعة من النظم التي يعتمد ويكمل بعضها البعض فنظام الصيد ونظام الزراعة ونظام التجارة تشكل النسق الإقتصادي ، وأخيرا فإن الثقافة تشمل مختلف هذه النظم والأنساق ومكوناتها .
ويقوم البعض بتجميع الثقافة في ثلاثة قطاعات كبرى بناء على نظرة " هوايت " للثقافة التي ترتب عناصر الثقافة في ثلاثة مواقع هي :
 - الأشخاص ( وما يتعلق بهم من عقائد واتجاهات و أفكار ...)
- الأشياء ( كل ماهو مادي محسوس )
- العلاقات بين البشر وبين البشر والأشياء
كما يقسم البعض الثقافة إلى :
     - عموميات : وهي الثقافة التي تشمل المجتمع كله
-         خصوصيات : وهي ثقافة جماعة محددة داخل المجتمع
-         البدائل أو التغيرات : وهي جملة العناصر الثقافية التي تدخل على الخصوصيات أو العموميات فتحدث فيهما تغيرا ثقافيا
ج / وظيفة الثقافة : يرى مالينوفسكي أن الوظيفة الأساسية للثقافة هي إشباع الحاجات الأساسية للإفراد ، فإذا كانت الثقافة هي كل شيء يضاف إلى ماهو خام وطبيعي ، وإذا كانت الطبيعة الإنسانية مثلا تستدعي الأكل والنوم والجنس في الجانب البيولوجي فإن الثقافة هي الكيفية التي تشبع بها هذه الطبيعة ( طريقة الأكل وكيفية النوم ...) وكذلك في جوانب الحياة الأخرى كالجانب النفسي مثلا حيث الحاجة إلى الأمن هي الطبيعة وإيجاد وسائل الدفاع عن النفس تمثل الثقافة .
وهناك وظيفتان  أساسيتان للثقافة :
1 – الوظيفة الاجتماعية : وتتضمن تجميع الناس في عالم عقلي أخلاقي مشترك يشعرهم بانتمائهم الواحد فتضمن من خلال هذا استمرار ووحدة المجتمع ، كما تزود الأفراد بالأهداف والآمال وتقدم لهم تفسيرات مسلم بها عن المحيط والعالم.
2- الوظيفة النفسية : وترمي إلى قولبة شخصيات الأفراد من خلال تزويدهم بأنماط السلوك وتمكينهم من طرق التعبير عن العواطف والانفعالات .
د- خصائص الثقافة : هناك اتفاق بين المهتمين بالثقافة حول بعض الخصائص أهمها:
-         الثقافة اجتماعية ومكتسبة : تكتسب من المجتمع عن طريق التعلم .
-         إنسانية : أنها من سمات الإنسان دون غيره من الكائنات .
-         انتقالية : تنتقل بين المجتمعات والأجيال
-         أفكار وأعمال : فهناك جانب روحي فكري للثقافة وجانب مادي ملموس
-         متنوعة الشكل مختلفة المضمون : فلكل مجتمع لغة ودين وعادات لكن هناك اختلاف في طبيعة هذه العناصر بين المجتمعات .
-         متغيرة : فالثقافة تتغير من خلال عمليات الاتصال والاحتكاك الثقافي وعمليات التعديل والتطور.
2/ البناء الاجتماعي :
     وهو من الموضوعات الأساسية  في الدراسات الأنثروبولوجية ويشير إلى تلك المجموعة من الأطر التنظيمية التي تنتظم في إطارها كافة العلاقات الإنسانية التي تجمع بين الأفراد في مجتمع ما أو التي تتعدى حدود المجتمع الواحد ، ويشير البناء الاجتماعي إلى النظام الاجتماعي العام الذي يتكون من مجموعة من  النظم الفرعية التي تتشكل بدورها من مجموعة من الظواهر والعلاقات الاجتماعية .
أ‌-       مفهوم البناء الاجتماعي عند رادكليف براون  : يرى براون أن البناء الاجتماعي هو "شبكة من العلاقات الاجتماعية الفعلية التي تقوم بين سائر الأشخاص في المجتمع "  لقد جعل براون من العلاقات الثنائية وحدات بنائية أساسية ( أي اجزاء أساسية من الباء الكلي للمجتمع ) كعلاقة الأب بالإبن مثلا ، ولكن براون يحاول التفريق بين مصطلحي الإنسان كفرد والإنسان كشخص ، فالإنسان كفرد هو ذلك الكائن العضوي البيولوجي عكس الإنسان كشخص الذي هو عبارة عن تلك المجموعة من العلاقات الاجتماعية التي يمارسها انطلاقا من أدواره المختلفة في المجتمع فالشخص مواطن وزوج وأب .........
ب‌-  البناء الاجتماعي عند إيفانز بريتشارد : يعني بريتشارد بالبناء الاجتماعي تلك العلاقات التي تربط بين الجماعات والتي تتميز بدرجة عالية من الثبات والتركيب ، أي أنه يقصد استمرار الجماعات و استمرار أنماط العلاقات التي تربطها بغض النظر عن الأفراد الذين يؤلفونها ، فالأفراد يولدون و يموتون بينما الجماعات كأطر تحتضن أنماط السلوك و العلاقات فباقية .
لذلك يختلف بريتشارد عن براون في عدم اعتباره بأن الأسرة هي وحدة بنائية (جزء أساسي) للبناء الكلي لأنها تتألف من علاقات بين أشخاص محدودي العدد ( الأب و الابن مثلا) فتنتهي هذه العلاقات بموت أفراد هذه الأسرة أما الجماعات فباقية .
و يرتبط مفهوم البناء الاجتماعي بكل من مفهوم النظام الاجتماعي و النسق الاجتماعي ، فإذا كان البناء الاجتماعي هو ذلك الكل المركب من أجزاء منتظمة حيث تمثل هذه الأجزاء مختلف أنماط السلوك و الظواهر، أما النسق فهو كما يرى كونديلاك (CONDILLAK) ،ذلك "النظام الذي تتساند فيه مختلف الأجزاء بصورة متبادلة " أي أن النسق الاجتماعي يشير إلي الاعتماد المتبادل و التشابك و التفاعل الحاصل بين عدد من النظم و الأجزاء .
ج_ البناء و الوظيفة :
    و يرتبط البناء في استقراره و استمراره بالوظائف التي تؤديها الأجزاء (النظم) المكونة له ،( النظام السياسي و الاقتصادي ، نظام القرابة ، نظام العائلة.........) فوظائف أجزاء البناء الاجتماعي تشبه الوظائف التي تؤديها أجزاء الكائن الحي لذلك كانت محاولة فهم البناء الاجتماعي من منطلق الوظيفة التي تؤديها النظم المختلفة و بتأثير واضح من الدراسات البيولوجية، فالمدرسة الوظيفية تهتم بوظيفة النظم ضمن الواقع الاجتماعي دون الرجوع إلى الماضي و محاولة تتبع تاريخ هذه النظم كما كان الحال خلال البدايات الأولى للأنثروبولوجيا ، و على العموم فإن  وظائف النظم تتجلى في العلاقات و التفاعلات القائمة داخل هذه النظم و القائمة فيما بينها أيضا ، و من خلال ذلك يمكن للبناء الكلي أن يبقى و يستمر .
3/ نظام القرابة :
ويعد نظام القرابة من الموضوعات الأساسية في الأنثروبولوجيا لأنه المجال الذي يتم بمقتضاه التعرف على طبيعة علاقات الاتصال عبر قنوات الأسرة و الزواج و القوانين التي تحكمهما لذلك يعتبر الزواج و نظام الأسرة إحدى أهم النظم الداخلة في تشكيل النظام القرابي العام و يعد النظام القرابي من الموضوعات الأولى التي تم تناولها في السياق الأنثروبولوجي ، فقد عني به لويس مورغان في كتابه " أنظمة قرابة العصبية و النسب للأسرة البشرية" عام 1871 ، كما اهتم به كل من مارسيل موس و راد كليف براون من الأنثروبولوجيين الأوائل أما اللاحقين فكانت لإسهامات كلود ليفي ستروس (1908-2009) الفضل الكبير في تطور هذا المجال .
أ‌-       مصطلحات القرابة :
                  تتعدد مصطلحات القرابة تبعا لتعدد المجتمعات لكن يمكن تصنيفها إلى قسمين أساسيين :
-         مصطلحات القرابة التصنيفية أو الطبقية :و هي تتأسس على الفئات و الطبقات العمرية فهناك طبقة الأجداد و طبقة الأبناء و طبقة الأحفاد ....
-         مصطلحات القرابة الوصفية :و تتأسس على الوصف الحقيقي للعلاقة القرابية دون تصنيف فهناك الأب و الأم و الأخ و الأخت .........، و من هذا المنطلق كانت هناك بعض الأسس التي تحدد وفقها مصطلحات القرابة
ب‌-  بعض أسس التصنيف القرابي :
 تصنف القرابة و مصطلحاتها على أساس :
               -الجيل :فهناك جيل الأجداد و الآباء و جيل الشخص و جيل أبنائه ....
               - الجنس : و يتم التفريق بين الأقارب تبعا للجنس (ذكر ، أنثى)
               - المصاهرة :و يرتبط بطبيعة الزواج و بدرجة تقبل بعض الأصهار البعيدين نسبيا.
               - خط النسب : حيث يتم التمييز بين التسلسل القرابي المباشر ( جد ، خال ، عمة،
                خالة ....) والتسلسل القرابي غير المباشر ( عم ، خال ، عمة ، خالة ) ......إلخ .
و في تحليل النظام القرابي يتم الرجوع إلى الأنماط المختلفة للزواج و أنواعه و تصنيف الأسر و أنواعها ، ففي مجال الزواج نجد أن هناك نمطين بارزين :    
-         النمط الأول : هو نمط الزواج الاغترابي ( الزواج من خارج المجموعة القرابية )
  
  -         النمط الثاني : و هو نمط الزواج الداخلي حيث الزواج من داخل المجموعة القرابية
أما الأسرة فنجد أنها تتكون بدورها من عدة أنماط لكن أبرزها هي :
-         نمط الأسرة النووية أو الأحادية : تتكون من الزوج و الزوجة و الأبناء و يشتمل هذا النمط على جيلين اثنين ( جيل الآباء و جيل الأبناء).
-         نمط الأسرة المتعددة : و تتكون من مجموعة من الأسر النووية و تشمل على أجيال كثيرة ( جيل الأجداد و الآباء و الأبناء و الأحفاد .....) و هناك العديد من أنماط الأسر كالأسرة متعددة الأزواج ، و الأسرة متعددة الزوجات .....إلخ.
ج- القرابة عند كلود ليفي ستروس : ترتكز القرابة عند ليفي ستروس على كيفية نشأة الأسرة ، فالعنصر الأساسي في تشكيل الأسرة عنده هو الخال  و بهذا و من منطلق اهتمام ليفي ستروس بالبنيات المتحكمة في الظواهر تكون البنية" الخالية " ( نسبة إلى الخال ) هي المتحكم الأساسي في ظهور الأسرة و ذلك نظرا لأن أي مجتمع يقوم أساسا على قاعدة " تحريم زواج المحارم" و هي القاعدة التي تحرم على الرجل من الزواج بأخته فيقوم بالتنازل عنها إلى رجل آخر كما يتزوج هو من إمرأة أخرى ، ويرى ليفي ستروس أن هذه القاعدة التي تعادل " البنية الخالية " هي بمثابة قانون ذهني عقلي حاضر في اللاوعي الانساني ، و هي البنية الأساسية المتحكمة في تنظيم الأسرة .  
و إذا كانت موضوعات الثقافة و البناء الاجتماعي و نظام القرابة موضوعات أساسية للدراسة الأنتروبولوجية فإن هناك نظم أخرى لا تقل أهمية عنها كالنظام الديني و النظام السياسي و الاقتصادي ....إلخ ، و هي كلها محل للدراسة في مجال الأنثروبولوجيا .


الاتجاهات و النظريات الأساسية في الأنثروبولوجيا :
     منذ أن استقرت الأنثروبولوجيا علما قائما بذاته برزت العديد من الاتجاهات تناول الأنثروبولوجيون انطلاقا منها مختلف الموضوعات الأنثروبولوجية و لقد كانت نظرية التطور في مجال البيولوجيا و التي أسس دعائهما " تشارلز داروين" ملهما حقيقيا للأنثروبولوجيين الأوائل الذين تناولوا  الثقافة و المجتمع بنظرة تطورية ، لكن أسس التفسير تعددت باتساع الدراسات في الحقل الأنثروبولوجي و بروز اتجاهات و نظريات اجتماعية لها القدرة على التحليل و التفسير ، ولعل أهم اتجاهات و نظريات دراسة الأنثروبولوجيا ما يلي :
1/ الاتجاه التطوري :
كان هذا الاتجاه قد احتضن نشأة الأنثروبولوجيا حين ظهورها كعلم خلال القرن الـ 19 م فكان الأنثربولوجيون يحاولون فهم كيفية نشأة و تطور المجتمعات و ثقافتها فحسب التطوريين يمثل تاريخ الانسانيىة و تاريخ الثقافة بما يضم من عادات و تقاليد و تنظيمات .... خطا متصاعدا كما أن البشرية تمر بمراحل خلال تطورها التاريخي فتتدرج من الأشكال البسيطة إلى الأشكال المعقدة إلى الأكثر تعقيدا ، و هذه السيرورة ملازمة لكل المجتمعات و الثقافات نتيجة الوحدة النفسية المشتركة بين البشر.
يرى لويس مورغان( 1818-1881 )  أن المجتمعات تمر بمراحل تطورية حيث كل مرحلة تشكل نمطا معينا طبقا لمراحل التطور التي تتمظهر في طبيعة العلاقات الاجتماعية و طبيعة النظم التي تميزها ، فكل المجتمعات عنده تخضع في تطورها لقانون واحد طالما أن تاريخ الجنس البشري و أصل الإنسانية واحد ، و عليه يصل مورغان إلى أن البشرية تطورت عبر ثلاث مراحل أساسية :
1-    مرحلة التوحش ( الهمجية ) : و يقسمها إلى ثلاثة مراحل هي مرحلة التوحش الدنيا و مرحلة التوحش الوسطى و مرحلة التوحش العليا و يوضح مورغان أن هناك ارتقاء ثقافي خلال الانتقال عبر كل مرحلة في تقنيات العيش و النظم الاجتماعية .
2-    مرحلة البربرية و تنقسم بدورها إلى ثلاث مراحل دنيا و وسطى و عليا .
3-    مرحلة المدنية ( الحضارة) و هي التكي تتميز باختراع الكتابة و الحروف الهجائية و هي مازالت ممتدة إلى اليوم .
كما يعد إدوارد تايلور (1832-1917) واحدا من رواد هذا الاتجاه حيث اعتبر أن الثقافة عنصر مساعد لفهم التاريخ الإنساني طالما أنها ظاهرة تاريخية تميز الانسان دون غيره  و يكتسبها بالتعلم من المحيط الذي يعيش فيه ، و بهذا المعنى تكون الثقافة هي حصيلة ما يكتسبه الفرد في المجتمع ، و من هذا المنطلق يرى تايلور أن " دراسة الثقافة هو دراسة تاريخ تطور الفرد في المجتمع باعتبارها العملية التاريخية العقلية لتطور عادات الانسان و تقاليده من حالتها غير المعقدة إلى حالتها المعقدة فالأكثر تعقيدا " ، كما يعتقد تايلور بتطور فكر الإنسان في مجال الاعتقاد ، ففي البدء بدأ الانسان بمحاولة التفكير في القرين الملازم لجسم الانسان و هو الروح ثم تدرج إلى وجود أرواح تسكن الطبيعة مثل الروح التكي تسكن جسد الانسان ، فقام بتأليه هذه الأرواح لكنه اهتدى أخيرا إلى فكرة الإله الواحد كمرحلة أخيرة تعبر عن منتهى تفكير الإنسان و يبدو أن مراحل التطور لم تكن حتمية ملزمة بالنسبة لتايلور كما كان الحال عند لويس مورغان في عده لمراحل التطور البشري ، و رغم تصنيف تايلور ضمن الاتجاه التطوري إلا ان آراءه لم تخل من القول بانتشار الثقافة فهي حسبه" مثل النباتات تتصف بالانتشار أكثر من كونها تتطور ، فالناس أخذوا من جيرانهم أكثر مما اخترعوا و اكتشفوا بأنفسهم " .
كما كانت إسهامات جيمس فرايزر (1854-1941) في مجال التطور بتطرقه إلى تطور المجتمعات من خلال ثلاث محطات هي : السحر و الدين و العلم ....إلخ.
2/الاتجاه التاريخي : ويتزعمه العالم الألماني فرانز بواز ( 1858-1942) والذي كان رائدا لهذا الاتجاه في أمريكا وبفضله تم الانتقال من النظرة الخطية التطورية للتاريخ كما كانت عليه نظريات التطوريين إلى دراسة ثقافات محددة كثقافة العشائر و القبائل مع التأكيد على ضرورة دراسة هذه الثقافات في إطار منطقتها الإقليمية الثقافية ، و الهدف من ذلك هو معرفة أصول و تواريخ الثقافات و تحديد خصائصها و لكن الهدف الأسمى يتجلى أخيرا في المقارنة بين هذه التواريخ و التي تميز هذه الثقافات من أجل الوصول إلى القوانين العامة التي تحكم نموها و تطورها .
3-   الاتجاه الانتشاري : يرى أصحاب هذا الاتجاه ان الاتصال بين الجماعات و الشعوب أدى إلى انتشار بعض السمات الثقافية ، فعملية الانتشار الثقافي تنطلق من مركز ثقافي إلى باقي المناطق كما أن الانتشار يتم أيضا من خلال انتقال السمات الثقافية من جماعة سابقة إلى جماعة لاحقة ، و تعتبر فكرة " المنطقة الثقافية " التي طورها "وسلر " ( تلميذ بواز) أداة هامة في دراسة الثقافة  و جوهرها تقسيم و تصنيف ثقافات العالم إلى مجموعات ثقافية بناء على تشابه العناصر الثقافية التي تكونها ، و المنطقة الثقافية إقليم يضم مجتمعات إنسانية متشابهة الثقافة ، و من أجل تحديد و تمييز منطقة عن أخرى يتم تتبع مدى انتشار العناصر الثقافية المميزة لتلك الثقافة ( طرق و أدوات الصيد ، طهي الطعام .....) مثلما فعل الأمريكي "سابير" الذي حاول تحديد مدى انتشار عناصر " رقصة الشمس " عند هنود السهول بأمريكا الشمالية ، و في أنجلترا برز من يقول بوجود مركز للثقافة تنطلق منه إلى باقي أنحاء العالم و خير مثال على هذا العلامة " إليوت سميت"  الذي رأى بأن مصر القديمة هي مركز كل الثقافات الحالية حيث انتشرت العناصر الثقافية من مصر إلى باقي أنحاء العالم ، فقد كانت نظرة سميت هذه مؤسسة على تشابه الآثار المختلفة في العالم مع الآثار التي اكتشفها عالم الآثار " بتري" كنظم القرابة و فن التحنيط و عبادة الشمس ....إلخ .
4-   الاتجاه التناسقي التكاملي :  و مفاده ضرورة النظر إلى الثقافة ككل متكامل يجمع بين  الأفكار و المشاعر من جهة و السلوك الظاهر من جهة ثانية ، و قد كان " سابير " من الممهدين لهذا الاتجاه من خلال نظرته للثقافة في صورة تفاعل الأفراد فيما بينهم و ما ينتج عن ذلك من معان و مشاعر مشتركة لذلك يعرف الثقافة بأنها كل متكامل من أنماط فكر و عواطف و أنماط عمل "، و تعد العالمة الأمريكية " روت بندكت" واحدة من أهم الممثلين لهذا الاتجاه و يتجلى ذلك في قولها بأن الثقافة مثل الفرد لديها نمط متناسق من الفكر و العمل ، كما أنه لفهم الثقافة لابد من الأخذ في الاعتبار الاتجاهات العقلية و الشعورية السائدة فيها و القيم و الأهداف المشتركة بين أفراد المجتمع الذي تتم فيه دراسة الثقافة ، ففي دراستها لبعض القبائل الهندية في جنوب غرب أمريكا الشمالية وجدت بندكت اختلافا بين القبائل فمنها التي تركز على المظهر الخارجي للسلوك و تهتم بالطقوس و احترام العادات و التقاليد أطلقت عليها اسم " ثقافات منبسطة " و منها التي تتميز بالعدائية و تعطي للدافع النفسي الداخلي أهمية أكبر من العوامل الخارجية و أطلقت عليها اسم " ثقافات منطوية " و الوصول إلى فهم ثقافة ما لابد أن يأخذ في الاعتبار السلوك الظاهري في صوره المتكررة و مختلف الاتجاهات العقلية الشعورية في تناسقها و تكاملها .
5-   الاتجاه البنائي الوظيفي : يعد البناء و الوظيفة من المفاهيم  المحورية في تحليل المجتمع و في الأنثروبولوجيا الاجتماعية يشير مفهوم البناء الاجتماعي إلى " مجموعة العناصر التي تقوم بينها علاقات تعبر عن كل العمليات القائمة بين هذه العناصر " و قد كان لـ " راد كليف براون" الدور الأكبر في بلورة هذا المفهوم فهو يشير عنده إلى" نوع من الترتيب بين الأجزاء التي تدخل في تركيب الكل وذلك لأن ثمة علاقات وروابط معينة بين الأجزاء التي تؤلف الكل وتجعل منه بنية متماسكة " وتشير الأجزاء المشكلة للكل إلى مختلف النظم الاجتماعية كما تشير حسب براون إلى الأشخاص ( أب – أخ ..) باعتبار علاقاتهم الاجتماعية وليس الأفراد باعتبارهم كائنات بيولوجية ، ويدرس البناء الاجتماعي مرتبطا بالوظيفة ، فالوظيفة هي " الدور الذي تؤديه الأجزاء (البناء الفرعي) داخل البناء الكلي للمجتمع" .
وقد اهتم مالينوفسكي بالوظيفة التي تؤديها الثقافة فهي حسبه تعمل على إشباع حاجات الأفراد في جميع النواحي ، كما أن النظم الاجتماعية المختلفة تؤدي وظائف مختلفة كل حسب طبيعته كالنظام الاقتصادي الذي يؤدي وظيفة توفير الحاجات الغذائية  والنظام الديني الذي يؤدي وظيفة الضبط الاجتماعي ...الخ ، وهذه الوظائف تؤدي مجتمعة إلى تحقيق الوظيفة العامة للبناء الكلي وهي المحافظة على بقائه واستمراره .
6-   الاتجاه البنيوي الأنثروبولوجي : ويتزعم هذا الاتجاه العالم الأنثروبولوجي الفرنسي كلود ليفي ستروس ، وتحيل البنيوية إلى وجود بنيات تتحكم في العلاقات والظواهر الاجتماعية ولئن كانت أعمال ليفي ستروس منصبة على المجتمع وظواهره ( المجتمعات البسيطة وظواهرها كأنماط القرابة والأساطير ...) فإنه استمد مفهوم البنية من حقل اللغة ومن أعمال فرديناند دي سوسير التي تركز على اللغة كنسق نحوي شكلي يتكون من بنيات (كلمات وجمل) وهذا التناسق هو الذي يحدد المعنى ،  يستعير ليفي سروس من الألسنيين طريقتهم في دراسة اللغة ليطبقها على المجتمع فيقول في هذا السياق " إننا نريد أن نتعلم من الألسنيين سر نجاحهم ، ألا يسعنا نحن أيضا أن نطبق على هذا الحقل الذي تدور فيه أبحاثنا ( القرابة – التنظيم الاجتماعي – الدين – الفلكلور- الفن ..) تلك المناهج الصارمة التي تبرهن الألسنية كل يوم على فعاليتها " ، إذا حسب ليفي ستروس هناك بنيات أساسية تتحكم في سيرورة المجتمع ، فإذا كانت مختلف النظم والأجزاء المجتمعية بالنسبة للأنثروبولوجيين هي البنيات الأساسية المتحكمة في المجتمع فإن هذه البنيات حسب ليفي ستروس تخفي خلفها  البنيات الحقيقية المتحكمة في الواقع الاجتماعي ، لكن البنية الأساسية حسبه والتي تتخفى خلف هذه البنيات هي بنية العقل الإنساني كبنية نهائية لا شعورية ، وإذا كان الضمير الجمعي عند دوركايم واللا شعور عند فرويد هو المتحكم في الظواهر الاجتماعية والانسانية فإن بنية العقل وتركيبته هي المتحكمة في مختلف أنماط التفكير ونظم القرابة والدين وغيرها لدى كلود ليفي ستروس